أعراض سكري الأطفال وعلاجه

أعراض سكري الأطفال: التوعية والعلاج

يعد مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا بين الأطفال، وهو مرض يتسبب في ارتفاع مستويات السكر في الدم بسبب نقص أو عدم فعالية الأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن تحويل السكر إلى طاقة. عادة ما يظهر السكري عند الأطفال على شكلين رئيسيين: سكري الأطفال من النوع الأول و سكري الأطفال من النوع الثاني. بينما يُعتبر النوع الأول هو الأكثر شيوعًا بين الأطفال، إلا أن النوع الثاني أصبح يشكل تهديدًا متزايدًا في السنوات الأخيرة بسبب تغير نمط الحياة والتغذية. هذا المقال سيستعرض أعراض مرض السكري لدى الأطفال وكيفية تشخيصه وعلاجه، مع تسليط الضوء على أهمية الوعي والتشخيص المبكر.

السكري من النوع الأول: الأعراض والعوامل المساهمة

سكري الأطفال من النوع الأول هو حالة من أمراض المناعة الذاتية حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مما يؤدي إلى عجز في إنتاج هذا الهرمون الحيوي. يُعتبر هذا النوع أكثر شيوعًا بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة أو في مرحلة المراهقة، ويحدث فجأة دون تحذيرات أو علامات مبكرة.

أعراض سكري الأطفال من النوع الأول:

1. زيادة العطش (البوال السكري):
   تعد زيادة العطش من الأعراض البارزة للسكري من النوع الأول، حيث يعاني الطفل من شعور دائم بالعطش غير المعتاد. يعود السبب في ذلك إلى فقدان الجسم لكميات كبيرة من السوائل بسبب كثرة التبول. على الرغم من شرب كميات كبيرة من الماء، قد يظل الطفل يشعر بالعطش.

2. التبول المتكرر:
   في السكري من النوع الأول، يعاني الطفل من التبول المتكرر، وفي بعض الأحيان قد يصل الأمر إلى التبول اللاإرادي أثناء النوم. يحدث ذلك نتيجة لمحاولة الجسم التخلص من الجلوكوز الزائد في الدم عبر البول، مما يؤدي إلى زيادة الحاجة للتبول.

3. الجوع المفرط (البوليفاجيا):
   بسبب نقص الأنسولين، لا يستطيع الجسم تحويل الجلوكوز إلى طاقة، مما يؤدي إلى شعور الطفل بالجوع المستمر على الرغم من تناوله كميات طبيعية أو كبيرة من الطعام. في بعض الأحيان قد يتناول الطفل كميات غذائية ضخمة ولكن لا يشعر بالشبع.

4. فقدان الوزن غير المبرر:
   رغم الجوع المفرط وتناول كميات كبيرة من الطعام، قد يلاحظ الوالدان أن الطفل يفقد الوزن بشكل ملحوظ. يحدث هذا بسبب أن الجسم يبدأ في استخدام الدهون والبروتينات كمصدر للطاقة بدلاً من الجلوكوز، مما يؤدي إلى فقدان الوزن.

5. الإرهاق الشديد:
   يعاني الأطفال المصابون بالسكري من النوع الأول من شعور دائم بالتعب والإرهاق، حتى مع الراحة والنوم الكافيين. بسبب عدم قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز بشكل فعال، يعاني الطفل من نقص في الطاقة.

6. رؤية ضبابية:
   من الأعراض الأخرى التي قد تظهر في حالة السكري، هي تشوش الرؤية أو الرؤية الضبابية. يحدث ذلك بسبب تأثير السكر الزائد في الدم على العدسات في العين، مما يتسبب في صعوبة التركيز عند النظر.

7. التهابات متكررة:
   السكري يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالتهابات مختلفة، سواء كانت في المسالك البولية أو الجلد أو الأذن أو حتى اللثة. وقد تلاحظ العائلة زيادة في عدد التهابات الجهاز التنفسي أو الجلد بشكل غير طبيعي.

السكري من النوع الثاني: الأعراض والعوامل المساهمة

على الرغم من أن سكري الأطفال من النوع الثاني كان يُعتبر مرضًا مرتبطًا بالبالغين، فإن ارتفاع معدلات السمنة وقلة النشاط البدني قد أسهمت في زيادة انتشار هذا النوع من السكري بين الأطفال والمراهقين في السنوات الأخيرة. يحدث هذا النوع عندما يصبح الجسم مقاومًا لتأثيرات الأنسولين، مما يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم.

أعراض سكري الأطفال من النوع الثاني:

1. زيادة الوزن والسمنة:
   يعاني الأطفال المصابون بالسكري من النوع الثاني عادة من زيادة ملحوظة في الوزن أو السمنة المفرطة، وهي من العوامل المساهمة الرئيسية في تطوير هذا النوع من المرض. يرتبط نقص النشاط البدني والنظام الغذائي غير المتوازن بزيادة الوزن الذي يسهم في تطور مقاومة الأنسولين.

2. الشعور بالتعب أو الإرهاق:
   كما هو الحال في النوع الأول من السكري، يعاني الأطفال المصابون بالنوع الثاني من الشعور بالتعب المستمر بسبب مقاومة الجسم للأنسولين. لا يتمكن الجسم من استخدام الجلوكوز بشكل صحيح، مما يؤدي إلى نقص في الطاقة والشعور بالتعب.

3. زيادة العطش والتبول المتكرر:
   على الرغم من أن الأعراض قد تكون أقل حدة مقارنة بالنوع الأول، قد يعاني الطفل من زيادة العطش والتبول المتكرر. تكون هذه الأعراض أكثر وضوحًا عندما يكون المرض غير مراقب أو غير معالج بشكل جيد.

4. رؤية ضبابية:
   قد يعاني الطفل المصاب بالسكري من النوع الثاني من رؤية ضبابية، مشابهة لما يحدث في النوع الأول. يتمثل السبب في تأثير مستويات السكر المرتفعة في الدم على العدسات في العين.

5. خمول النشاط البدني:
   الأطفال الذين يعانون من السكري من النوع الثاني قد يصبحون أقل نشاطًا بدنيًا نتيجة لشعورهم المستمر بالتعب أو الانزعاج. كما أن زيادة الوزن يمكن أن تؤثر على قدرة الطفل على ممارسة الأنشطة الرياضية.

كيفية تشخيص السكري عند الأطفال

تشخيص مرض السكري عند الأطفال يعتمد على مزيج من الأعراض السريرية، التاريخ الطبي، وفحوصات الدم. تشمل الفحوصات الرئيسية التي يستخدمها الأطباء لتشخيص السكري عند الأطفال ما يلي:

1. اختبار مستوى السكر في الدم:
   يمكن أن يظهر اختبار السكر في الدم أثناء الصيام أو بعد تناول الطعام مستويات غير طبيعية من السكر، ما يعد مؤشرًا على الإصابة بالسكري. في حالات السكري من النوع الأول، قد تظهر مستويات السكر المرتفعة فجأة بعد ظهور الأعراض.

2. اختبار الهيموغلوبين السكري (HbA1c):
   يساعد اختبار HbA1c في قياس متوسط مستويات السكر في الدم على مدار 2-3 أشهر. إذا كانت النتيجة أكثر من 6.5%، يتم تشخيص السكري.

3. اختبار الجلوكوز التراكمي:
   يعد هذا الاختبار مفيدًا أيضًا لتحديد مدى قدرة الجسم على معالجة الجلوكوز بشكل صحيح.

علاج السكري عند الأطفال

علاج السكري من النوع الأول والنوع الثاني عند الأطفال يختلف، ويجب أن يكون موجهًا بناءً على نوع المرض وحالة الطفل الصحية.

علاج سكري الأطفال من النوع الأول:

• الأنسولين:
  يتم علاج النوع الأول عن طريق حقن الأنسولين يوميًا لتغطية احتياجات الجسم من هذا الهرمون. قد يستخدم الطفل أكثر من نوع واحد من الأنسولين (سريع المفعول وبطيء المفعول).

• مراقبة مستويات السكر في الدم:
  يجب مراقبة مستويات السكر في الدم عدة مرات في اليوم لضمان أن الطفل لا يعاني من انخفاض أو ارتفاع مستويات السكر بشكل حاد.

• النظام الغذائي المتوازن:
  يجب على الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول اتباع نظام غذائي متوازن يتضمن تناول الكربوهيدرات بشكل معتدل والتحكم في الكميات للحفاظ على استقرار مستويات السكر.

• النشاط البدني المنتظم:
  من الضروري أن يكون لدى الطفل نظام رياضي منتظم للحفاظ على وزنه وتنظيم مستوى السكر في الدم.

علاج سكري الأطفال من النوع الثاني:

• النظام الغذائي والمراقبة:
  يُعد تغيير نمط الحياة والنظام الغذائي أحد أركان العلاج الأساسي للأطفال المصابين بالنوع الثاني من السكري. يجب أن يشمل النظام الغذائي تقليل السكريات والمأكولات المعالجة وزيادة تناول الأطعمة الصحية مثل الخضروات والفواكه.

• التمارين الرياضية:
  يجب أن يتم تشجيع الطفل على ممارسة النشاط البدني بانتظام، مثل المشي، السباحة أو الألعاب الرياضية.

• الأدوية:
  في بعض الحالات، قد يحتاج الطفل إلى تناول أدوية مثل الميتفورمين للمساعدة في تقليل مقاومة الأنسولين.

الخاتمة

يعد السكري من الأمراض المزمنة التي تتطلب متابعة دقيقة وعلاجًا مستمرًا. من المهم جدًا أن يتم التعرف على الأعراض في مراحل مبكرة لتجنب المضاعفات التي قد تنشأ عن ارتفاع مستويات السكر في الدم. على الرغم من أن العلاج قد يتطلب تغييرات كبيرة في نمط الحياة، فإن التشخيص المبكر والإدارة الجيدة يمكن أن يساعدا في ضمان حياة طبيعية وصحية للطفل.